أهلية الإنسان فى نظر القانون
عندما نتكلم عن أهلية الإنسان نعني ذلك قدرته على القيام بالتصرفات القانونية الملزمة، وتحمله للمسؤوليات فذلك هو تعريف الأهلية ، ويطلق عليها فقه القانون بأهلية الأداء، التي تختلف عن أهلية الوجوب القاضية في ثبوت الحقوق للإنسان .
فالقانون يهتم بشخص الإنسان الذي يوفر له الحماية اللازمة وهو في طور الجنين لحين ولادته حيا إلى وقت وفاته، من حيث حفظه لحياته وسلامة بدنه، وأيضا سلامة تصرفاته التي سيقدم عليها أو سيرتبها على نفسه أو على غيره أثناء حياته .
الجميع يدرك أن الإنسان يمر في حياته على عدة مراحل، وكل مرحلة من مراحل حياته تختلف عن الأخرى من حيث القدرة على التمييز والإدراك عند القيام بالتصرفات القانونية وتحمله المسؤوليات .
وأيضا جميعنا يدرك أن البشر ليسوا على وتر واحد من ناحية القوة العقلية باعتبار أن العقل جوهر الإنسان وبه ينهض التكليف الشرعي ، وأيضا يُرفع التكليف عنه في حالة ثبوت عوارض الأهلية كالجنون مثلا .
ومن التصرفات القانونية التي يمكن للإنسان القيام بها أثناء حياته لا تخرج عن أحد التصرفات الثلاثة وهي :
1. تلك التصرفات التي يعود عليه النفع نفعا محضا، مثل ذلك قبول الهبة أو الوصية النافذة بعد وفاة الموصي. فقبول الهبة تصرف قانوني يرتب إثراء الذمة المالية للموهوب له دون تحمل ذمته المالية بالشيء المقابل لهذا التصرف .
2. التصرفات التي يكون بها ضرراًً محض ، مثل ذلك الإيهاب والإيصاء فالواهب أو الموصي تفتقر ذمتهما المالية الشيء محل الهبة دون الحصول على المقابل يعوض ما خرج من ذمتهما المالية .
3. التصرفات الدائرة بين النفع والضرر ، مثالها تنحصر في العقود كعقود المعاوضة مثل عقد البيع أو عقود الإيجار ، ففي عقد البيع تفتقر ذمة مالية المشتري الثمن فيعد هذا التصرف يلحق الضرر في ذمته بإخراج ثمن المبيع ، وبالمقابل يثري ذمته المالية بالمبيع وهو الشيء محل البيع ، وكذلك الحال بالنسبة للبائع فيخرج المبيع من ذمته مرتبا ذلك افتقارها ، ويحصل الثمن عوضا عن المبيع .
وإذا ما عدنا إلى المراحل التي يمر عليها الإنسان في حياته ، فنجد أن القانون أهتم بها وقسمها إلى ثلاث مراحل أساسية ، وكل مرحلة من هذه المراحل قنن لها القانون أحكاما خاصة تختلف باختلاف المراحل ، وهي :
1. مرحلة دون سن التمييز وهي مرحلة تبدأ عند ولادة الإنسان حيا وحتى سن السابعة من عمره ، وتعرف هذه المرحلة في القانون بمرحلة عديم الأهلية . وهي مرحلة لا يجوز من كان في هذه السن أن يقوم بأي نوع من التصرفات ، سواء كان نافعا نفعا محضا ، أم ضارا ضررا محضا ، أم الدائرة بين النفع والضرر . وحكم التصرفات القانونية التي يقوم بها عديم الأهلية باطلة بطلانا مطلقا سواء تلك التي يعود بها نفعا محضا أم ضررا محضا أم تلك الدائرة بين النفع والضرر . وأيضا لا تكون صحيحة بعد إجازتها لاحقا أي عندما يبلغ سن الرشد ، وكما أنها لا تكون صحيحة أيضا إذا أجازها الولي أو الوصي عليه . ويحق كل من تعاقد مع عديم الأهلية أن يطلب فسخ العقد وأيضا تستطيع المحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها بإبطال العقد ، لأن يعد ذلك من النظام العام .
2. مرحلة بلوغ سن التمييز وقبل بلوغ سن الرشد ويطلق عليها مرحلة الصغير المميز أو ناقص الأهلية ، وهي تبدأ من تمام سن السابعة من عمره إلى سن الخامسة عشر من عمره . فبطبيعة الحال تختلف الأحكام في هذه المرحلة بين التصرفات الثلاثة السابق ذكرها ، فأي نوع من التصرف إذا أجراه يكون نافعا له نفعا محضا فهو صحيح ، أما إذا كان ضارا ضررا محضا فيكون باطلا بطلانا مطلقا ، أما إذا كان دائرا بين النفع والضرر فهو صحيح إذا كان نافعا ، وموقوفا إذا كان ضارا لحين إجازته من له الولاية عليه أو المحكمة أو عند بلوغ سن الرشد وتسمى بالإجازة اللاحقة . ويمكن إبطال تصرفه إذا كان يعود عليه ضرر ، وحق الإبطال يقتصر لمصلحة ناقص الأهلية فقط دون الطرف الآخر .
3. مرحلة بلوغ سن الرشد ـ كامل الأهلية ـ وهي المرحلة التي يكمل الشخص قواه العقلية ويستطيع التمييز بين ما ينفعه وبين ما يضره ، فيستطيع الشخص في هذه المرحلة أن يباشر جميع حقوقه كاملة وأن يجري ما يجري من التصرفات سواء نافعة نفعا محضا أو ضارة ضررا محضا أو الدائرة بين النفع والضرر ما لم يثبت عليه عارضا من عوارض الأهلية
الأربعاء سبتمبر 30, 2009 8:42 am
